الحمد لله الذي جعل كتابه الكريم مصدراً لعلم الأولين والآخرين، ومرجعاً لشرائع الخلق أجمعين، ونوراً وهدى للعالمين، وصلى الله على محمدٍ عبده ورسوله وحبيبه وخيرته من خلقه، وأمينه على وحيه، وعلى آله الفاضلين عملاً، الطيبين نسباً، المختارين أمّاً وأباً، وسلم تسليماً كثيراً.

أمّا بعد:

   فإنّ لغتنا العربية معجزة الله في كتابه المجيد، وقد حباها تعالى بالتفضيل إذ قال سبحانه: ﴿وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنْ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ [سورة طه:113]. وقال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا﴾ [سورة الشورى:7]. وغير ذلك من آيات الذكر الحكيم المباركة، ولعلَّ الرسول الكريم قد أبلغ إذ قال: ((أحبُّ العربية لثلاث: لأنّي عربي، ولأنّها لغة القرآن، ولأنها لغة أهل الجنة)).   

   كما استطاعتْ لغتنا الشريفة أن تجسِّدَ إرثنَا الحضاريّ، والأدبيّ، والعلميّ، والاجتماعيّ، والسياسيّ على مرِّ العصورِ، ممَّا زاد من مسؤوليةِ أبنائِها تجاهها، وبات الواجب الشرعيّ والقوميّ يُحتّم علينا إعلاءِ مكانتها بين اللغاتِ الإنسانيَّةِ، وليس بغريب تمجيد اللغة العربية بين اللغات في عصر يموج بالرؤى، وتضطرب فيه المفاهيم، فإنّنا اليوم أمام تحدٍ كبيرٍ يجب علينا في خضمِّه أن نوجه أبناءنا إلى الاعتزاز بلغتهم وتنمية شعورهم بالحفاظ على لغتهم نطقاً وكتابة، ونحثُّ وسائل الإعلام لتكثيف نشر الوعي اللغوي بين أبناء المجتمع؛ لئلا تحدث فجوة خطيرة بين ثقافتنا وديننا، وبين الواقع الذي نعيش فيه، ومن هذا المنطلق ندعو طلابنا الأعزاء إلى إعلاء مكانة اللغة العربية، وبخاصة في المحافل الثقافية والأكاديمية، وفي مواقع التواصل الاجتماعي، وفي مخاطباتهم اليومية. ويجعلوا جوهر رسالتهم الحفاظ على سلامة هذه اللغة وفصاحتها. فالهدف الأسمى لقسمنا تخريج طلاب مسلحين بالمعرفة، والثقافة اللغوية والأدبية؛ ليكونوا منارات علمٍ تهتدي بهم الأجيال اللاحقة.

   وبناء على ما تقدم يعمل قسمنا جاهداً على نشر الثقافة اللغوية بين طلابه وبين أبناء المجتمع، من أجل بناء الإنسان وتنويره؛ ليزداد وعياً بذاته، واحتراماً للآخر. ويسعى الكادر التدريسيّ في قسمنا بكلِّ منتسبيه لتحقيق رسالة العطاء والتمّيز من أجل بناء جيلٍ واعٍ؛ وذلك باتباع أحدث أساليب البحث العلمي في التدريس. إذ شرعنا في وضع خططنا مذ تأسس قسمنا في عام 1997م بالعمل ببرنامج البكالوريوس، ثم الماجستير في مختلف تخصصات اللغة والأدب، وهو يسعى الآن سعياً حثيثاً لفتح دراسة دكتوراه في المستقبل القريب إن شاء الله. ونطمح إلى الريادة والتميّز في بناء صرح تعليمي بحثي يُعنى بخدمة اللغة العربية في المجالات المختلفة؛ ليسهم في رفد المجتمع بكفاءات مؤهّلة قادرة على التفاعل مع المستجدات العلمية والتربوية  والانفتاح على المنجزات الحديثة في مجال التخصّص؛ ليوظِّفوا مهاراتهم ومعارفهم في خدمة المجتمع العربيّ، والإسلاميّ، والإنسانيّ؛ وليعملوا على تطويره وتقدّمه بتوازن، واتّزان، واقتدار. وطوّر القسم خططه الدراسيّة بما يتلاءم مع تحقيق أهدافه، وهو الآن يُحافظ على تميّزه بين الأقسام المناظرة في الجامعات الأخرى.

   وكما يفخر القسم برسالته السامية فإنّه يفخر كذلك بأساتذته الذين أسهموا في أداء هذه الرسالة، وبطلابه الذين كانوا لبنة فاعلة في هذا الصرح المثمر، كما يفخر بالمنظومة التعليمة والإدارية التي يسرت له سبل النجاح والتطوّر.

   وها هو يفتح قنواته نحو تفاعل أكبر، وتواصل أوسع مع شركاء النجاح من أساتذة وطلاب ومهتمين آملاً أن يُكمِّل مسيرته التطويرية لتحقيق أهدافه والوفاء برسالته، ومن الله التوفيق.

  

 

                                                              أ.م.د: محمود عبد حمد

                                                              رئيس قسم اللغة العربية